سورية مقبلة على حراك سياسي كبير وعلى كافة المستويات، هل يصح السؤال عن أماكن يسمح فيها الكلام في السياسة وأماكن لا يجب تناول الأمور السياسية فيها لاعتبارات ما؟
- لطالما كان الجيش والقوات المسلحة محصناً من السياسة ولا يسمح لعناصره من مختلف الرتب التعاطي في الشؤون السياسية. نظرياً كلام منطقي لتحصين هذه المؤسسة الأهم من أي تجاذبات سياسية ولكي تبقى مركزة على مهمتها الوحيدة والأسمى: الحفاظ على الوطن من أي تهديد خارجي ودعم المؤسسات الأمنية عند التهديدات الداخلية. أي ضبط السلم والأمن الأهلي والوطني. ولكن الجيش العربي السوري جيش عقائدي، وليس جيش انقيادي وتغذيته سياسياً كما هو حاصل الآن أثبتت نجاعتها وأهميتها فلذا يجب المحافظة على النمط والطريقة نفسها ولكن مع الانفتاح على كافة الاتجاهات الحزبية إنما تحت سقف المبادئ الأساسية الوطنية من تحديد العدو وتثبيت البوصلة وأن الخيانة ليست وجهة نظر بل جريمة عظمى.
- يجب تجنيب المؤسسات التعليمية من مدارس وجامعات ومعاهد ومراكز تعليمية من كافة المستويات التعاطي بالأمور السياسية للحفاظ على الدور التعليمي لهذه المؤسسات وعدم تشتيت انتباه الطلبة في أمور بعيدة عن التحصيل العلمي، فهذه المؤسسات موجودة لنشر العلم وليس لأي أمر آخر، وكل ما يقال عن حراك طلبي ومشاركة الطلبة وتفعيلهم سياسياً ما هو إلا هرطقة، المراد منها إشغالهم بأمور السياسة لإبعادهم عن التحصيل العلمي.
- المؤسسات الدينية إذا أرادت العمل بالسياسة فمن خلال خطة وطنية شاملة تشرف عليها وزارة الأوقاف والشؤون الدينية وتشمل دار الإفتاء ورؤوساء الكنائس المعتمدين، وتشمل هذه الخطة الخطوط الرئيسية لمناقشة الأمور الدينية والدنيوية من قبل الوعاظ والخطباء والكهنة بما يعزز التسامح الديني ويبتعد عن الفكر التكفيري والشرذمة الطائفية الغريبة عن مجتمعاتنا والتي أُدخلت قسراً إلينا. فالمؤسسات الدينية هي مؤسسات رافدة للمؤسسات التعليمية والتربوية في تنشئة المواطنين.
- مؤسسات الدولة العامة والشركات الخاصة لها أهداف انتاجية وخدمية أنشئت لأجلها وإشغالها بالأمور السياسية له تأثيرات سلبية على أداء هذه المؤسسات إن كانت انتاجية أو خدمية أو استشارية أو من أي الأهداف وكذلك بالنسبة للشركات الخاصة التي يضمن فيها أعضاء نفابات العمال عدم تسييس عمال هذه المنشآت وأن تتم كافة الاجتماعات والنشاطات النقابية خارج أوقات الدوام الرسمي.
- الشارع والساحات العامة: لها غرض هو المساعدة للتنقل من مكان لآخر وليس للاعتصامات والإغلاق وعرقلة السير وحركة المواطنين ومن اتخذ الشارع مكاناً لحراكه السياسي يصبح ‘ابن شارع‘.
كما نلاحظ، تحييد هذه المؤسسات والأماكن من العمل بالشأن السياسي ليس انتقاصاً من حقوقها أو مسؤولياتها السياسية إنما الهدف الأساسي هو تركيز هذه المؤسسات على وظيفتها الطبيعية وفيما يلي الأماكن المسموح فيها مناقشة كافة الأمور السياسية:
- مجلس الشعب: أكثر جهة مناسبة للعمل السياسي والخدمي والتشريعي.
- مجلس الوزراء: الجهة التنفيذية المختصة بالعمل السياسي والخدمي.
- مؤسسة الرئاسة: صميم عملها سياسي وإشراف على باقي مؤسسات الدولة.
- مراكز إدارة الأحزاب المرخصة: بطبيعة الحال.
- وسائل الإعلام المرئي والإذاعي: بشرط تخصيص برامج سياسية خاصة أو محطات سياسية بالأساس والالتزام بالرأي وحق الرد، واحترام قانون إعلام لا يحول النقاش إلى ابتذال، ولا يقوم بتوجيه اتهامات بدون أدلة ويتحمل أي متحدث يعطي معلومات أو يسيق اتهامات بحق أي شخص معنوي أو حقيقي أو اعتباري بدون أدلة، نظراً لأن ما يعرف بالاتهام السياسي هو نفاق سياسي.
- وسائل التواصل الاجتماعي على الانترنت: مفتوحة للجميع.
- المؤتمرات الحزبية والسياسية والندوات: بشرط حضور وسائل الإعلام المختلفة لها وحصولها على تراخيص مسبقة.
هذا ليس تعليب إنما تهذيب، وهذا ليس انتقاصاً من حق بل تشريع حق، وهذا ليس قمعاً للحريات إنما تشذيباً لها، فلنتذكر أن حريتك تقف عندما تتعدى على حرية الآخرين.
أنا أدعو من له رأي آخر أو إضافة المشاركة برأيه أو إضافته من خلال التعليق أدناه.
No comments:
Post a Comment
الرجاء أن يكون التعليق منحصراً بالموضوع المناقش أعلاه لتفادي حذفه، وشكراً